> نتائج مسح أيار 2024 في مجلة ليبرال
منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر وفي ظل الحرب التي طال أمدها، يبدو أن الصحوة الديمقراطية لعام 2023 ضد الانقلاب القضائي ولصالح الديمقراطية قد تم نسيانها. عادت الاحتجاجات إلى الشوارع، لكنها لا تزال محدودة وتتمركز حول المطلب الحيوي المتمثل في إطلاق سراح المختطفين. إلى جانب هذا المطلب، هناك أيضًا دعوة لتبديل الحكومة عبر الانتخابات، وهي قيمة ديمقراطية أساسية لا تزال حاضرة في الاحتجاج. اختبر استطلاع أجراه معهد زولات للمساواة وحقوق الإنسان مع معهد الحرية والمسؤولية في جامعة رايخمان مدى الدعم لقيمة ديمقراطية أخرى تعتبر أساسية في تحديد الطابع الديمقراطي للدولة – حرية الدين والتحرر من الدين. يشير الاستطلاع، الذي أجرته iPanel في أيار/مايو 2024 وشمل 1517 مشاركًا يمثلون عينة تمثيلية للمجتمع الإسرائيلي، إلى دعم جارف وواسع النطاق لهذا المبدأ الأساسي.
بدايةً، تجدر الإشارة إلى أنه وفقا للاستطلاع، يفتقر الجمهور إلى المعلومات الأساسية حول النظام الديمقراطي الإسرائيلي. في أعقاب عملية التعلم العامة غير المسبوقة التي جرت خلال عام 2023، فمن المرجح أن معظم الإسرائيليين يعون أن إسرائيل ليس لديها دستور رسمي مكتوب. كما أنه من المؤكد أن بعض الإسرائيليين يعرفون أيضاً أنه بدلاً من الدستور، تبنت إسرائيل عدداً من القوانين الأساسية، بعضها يرسّخ ويحمي حقوق الإنسان والفرد. لكن الاستطلاع يظهر أن أقلية فقط – حوالي ربع السكان – تدرك أنه لا يوجد قانون أساسي في إسرائيل يضمن المساواة بين جميع مواطني الدولة. عمليًّا، لا يوجد أيضًا قانون عادي يرسخ المساواة المدنية، وقد تم تحديد حماية هذه القيمة من خلال أحكام المحكمة العليا، بالإضافة إلى القوانين التي تضمن المساواة بشكل جزئي وفردي، مثل المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص في العمل.
كما أظهر الاستطلاع أن نصف الإسرائيليين يعتقدون (30%) أو متأكدون (20%) من وجود قانون أساس يرسخ المساواة المدنية بشكل عام. لربما تشير الفجوة بين اليهود والعرب في الإجابة على هذا السؤال إلى تجارب مختلفة أو صورة مختلفة فيما يتعلق بطبيعة دولة إسرائيل: أغلبية من اليهود بلغت 54% تعتقد بوجود مثل هذا القانون الأساسي، بينما يعتقد 38% فقط من المستجيبين العرب أن هذا القانون الأساسي موجود. من بين المجموعتين، أقلية فقط تدرك الوضع الفعلي: 24% من اليهود قالوا إنه لا يوجد قانون أساسي يرسّخ المساواة المدنية، و36% من العرب. كما أقرّ حوالي ربع المشاركين في كلا المجموعتين بأنهم لا يعرفون.
في الواقع لا يوجد قانون يضمن المساواة بين جميع مواطني الدولة، وليس عبثًا. فبحسب أحد التفسيرات، امتنعت الدولة عن الالتزام بالمساواة حتى لا تضطر إلى وضع حد للتمييز ضد مواطني الدولة الفلسطينيين. لكن تاريخ محاولات الكنيست لإقرار مشروع قانون وثيقة الحقوق يشير إلى معارضة قوية من جانب الممثلين المتدينين – غالبًا من المشرعين الحريديم – لبند يخص المساواة المدنية في قوانين الدولة. في مقال من عام 2012، وصف الراحل البروفيسور أمنون روبنشتاين، الذي كان أحد مهندسي القوانين الأساسية لعام 1992، موقف أحزاب الحريديم والمتدينين من بند المساواة بأنه لا مكان له البتة. وأوضح روبنشتاين أن الممثلين المتدينين كانوا خائفين بشكل رئيسي من المس بقانون العودة وإعفاء طلاب المدارس الدينية من التجنيد، كما تملصوا من إحقاق المساواة للطوائف غير الأرثوذكسية في إسرائيل.
وحاولت أسئلة إضافية في الاستطلاع اختبار دعم الجمهور الإسرائيلي لحرية الدين. وذلك سواء على المستوى المبدئي من خلال السؤال عن مدى التأييد لسن قانون أساسي حول الموضوع، وعلى المستوى العملي – من خلال فحص مدى التأييد لمثل هذا القانون باعتبار أنه سيؤثر على الترتيبات في مجالات معينة من الحياة اليومية، مثل توسيع استخدام وسائل النقل العام في أيام السبت والزواج والطلاق المدنيين في إسرائيل. تشير النتائج إلى أنه على المستوى العملي، هناك تأييد واسع النطاق لتغيير الترتيبات التي رافقت الحياة في إسرائيل منذ قيام الدولة.
وفيما يتعلق بإمكانية ترسيخ حرية الدين والتحرر من الدين في قانون أساسي، فقد اختبر سؤال الاستطلاع مدى تأييد أو معارضة مثل هذا القانون بعد تفصيل المبادئ التي سيرتكز عليها: "أن لكل إنسان الحق في الحق في التمسك بدينه، وأنه لا يجوز التمييز بين أي مواطن على أساس دينه، وأن لكل مواطن الحق في عدم التمسك بدينه، ولا يجوز فرض أي طقوس أو عرف ديني في إسرائيل".
أظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لمثل هذا القانون الأساسي مرتفعة بشكل خاص: 71% من الجمهور يؤيده، 36% بدرجة متوسطة ("أؤيد") و35% بشكل واضح ("أؤيد بشدة"). ويقترب مستوى التأييد من الإجماع لدى ناخبي أحزاب المعارضة
في انتخابات 2022 (90%)، لكن هناك أيضاً أغلبية مؤيدة بين ناخبي الائتلاف (57%). كما تؤيد أغلبية من اليمين والوسط واليسار (حسب التعريف الذاتي للانتماء السياسي). بشكل نادر، فإن الاختلافات بين اليهود والعرب حول هذه القضية ضئيلة: 75% من العرب أيدوا مثل هذا القانون بدرجة معتدلة أو كبيرة، وكذلك فعل 70% من اليهود. في ظل الاستقطاب الاجتماعي–السياسي قبل السابع من أكتوبر حتى، فمن المهم إيجاد مثل هذه المواضيع المشتركة: يبدو أن دعم حرية الدين والتحرر من الدين يشكل قيمة مشتركة.
من أجل توضيح معنى القانون الأساس الذي يرسخ حرية الدين والتحرر من الدين في الممارسة العملية، تضمن الاستطلاع عدداً من أسئلة المتابعة التي وصفت الآثار المحتملة لمثل هذا القانون على مختلف مجالات حياة المواطنين. فحصت هذه الأسئلة ما إذا كان دعم المواطنين لسن القانون الأساسي سيزداد أو ينقص إذا ما أدى ذلك إلى السماح بالزواج المدني والطلاق المدني في إسرائيل، أو إلى توسيع استخدام وتشغيل وسائل النقل العام في أيام السبت والأعياد اليهودية، أو إلى اعتراف الدولة بالتهوُّد بحسب التيارات غير الأرثوذكسية.
أظهرت نتائج الاستطلاع أن السماح بالزواج والطلاق المدنيين، وحتى توسيع استخدام وسائل النقل العام في أيام السبت، يزيدان من الدعم لسن القانون الأساسي لحرية الدين والتحرر من الدين بشكل كبير جدًا: نسبة المستجيبين الذين قالوا إن هذه الإجراءات عززت تأييدهم للقانون كانت ضعف نسبة المستجيبين الذين أجابوا بأن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تقلل من تأييدهم له. أما بقية المستجيبين فقالوا إنّ هذه الإجراءات نتيجة صدور القانون الأساسي – لن تغير من درجة تأييدهم أو معارضتهم له.
أما فيما يتعلق بسؤال الاعتراف بالتحول للدين اليهودي من خلال التيارات غير الأرثوذكسية، مثل التيارات المحافظة أو الإصلاحية، فإن النتائج أقل وضوحا، فقد انقسمت الآراء بين من أجابوا بأن مثل هذه الخطوة ستزيد من تأييدهم للقانون (35% من عامة السكان) وأولئك الذين يعتقدون أن ذلك سيضعف دعمهم له (28%). ومن الواضح أن المواقف منقسمة بالتساوي تقريباً بين اليهود الذين تهمهم هذه القضية، حيث قال 38% أن ذلك سيزيد دعمهم، وأجاب 34% بأنه سيضعفه.
وكما هو متوقع، فإن الفروقات الرئيسية في درجة التأييد للقانون، نظرًا لأنه سيؤدي إلى تغييرات سياسية مختلفة، تتعلق بدرجة التدين بين اليهود، ولكن هناك أيضًا اختلافات بين أولئك الذين شملهم الاستطلاع فيما يتعلق بمختلف التدابير. بالتالي، يحظى فتح خيار الزواج المدني بتأييد أغلبية واضحة من العلمانيين (72%)، ولكن أيضًا بأغلبية نسبية من المحافظين (42% منهم قالوا إن هذا الخيار سيزيد دعمهم للقانون، مقارنة إلى 24% أجابوا بأن الموضوع سيقلل من دعمهم). وكما هو الحال في جميع المجالات، عارض المتدينون والحريديم إمكانية الزواج المدني بأغلبية كبيرة (64% بين المتدينين و81% بين الحريديم).
ردا على مسألة توسيع استخدام وسائل النقل العام في أيام السبت والأعياد اليهودية، اجاب العلمانيون بشكل مختلف تماما عن المحافظين: قال 84% منهم إن هذا سيزيد دعمهم للقانون الأساسي لحرية الدين، مقارنة بـ 38% فقط من المحافظين الذين اجابوا بالمثل (ما زالوا أكثر بقليل من التقليديين الذين أشاروا إلى أن مسألة وسائل النقل العام يوم السبت ستخفض دعمهم – 32%). وقالت أغلبية ساحقة من المتدينين والحريديم إن هذه القضية ستقلل من دعمهم.
القضية التي تثير أكبر قدر من المعارضة من جانب المتدينين هي الترويج لإمكانية التحول لليهودية عبر التيارات غير الأرثوذكسية: أكثر من 80٪ من المتدينين والحريديم كان رد فعلهم سلبيًا على ذلك. وانقسم المستجيبون المحافظون بالتساوي بين أولئك الذين سيؤدي تغيير سياسة التهوُّد إلى زيادة تأييدهم للقانون الأساسي وأولئك الذين سيؤدي ذلك إلى انخفاض الدعم له، في حين نظرت أغلبية العلمانيين لهذا الاحتمال بالإيجاب مع ازدياد دعمهم للقانون.
على الرغم من الانقسامات بين مجموعات معينة، يكشف الاستطلاع عن اتجاهات واضحة. إن خطأ معظم الإسرائيليين الذين يعتقدون أن قيمة المساواة راسخة في قانون أساسي يمكن أن يعزى إلى موقفهم بأن هذا هو الحال أو إلى تصورهم بأن ذلك مضمون بوسائل أخرى (مثل إعلان الاستقلال أو أحكام المحكمة العليا)، دون أن يدركوا أن صلاحية هذه الوسائل ليست مثل صلاحية قانون أساسي. وعندما يُسأل الإسرائيليون عن مبدأ ديمقراطي معين – ضمان حرية الدين والتحرر من الدين – فإن تشريع قانون أساسي من شأنه أن يحظى بدعم جارف. يظهر الاستطلاع أن غالبية الجمهور مستعدون ويتوقعون تغييراً في ترتيبات الوضع الراهن. وحتى لو ساد الخلاف حول السياسة الفعلية في مختلف المجالات، يوجد أساس واضح لتغيير قواعد اللعبة في إسرائيل.
أُجري الاستطلاع الذي ترد بياناته هنا لمؤشر حقوق الإنسان التابع لمعهد زولات للمساواة وحقوق الإنسان ومعهد الحرية والمسؤولية في الفترة ما بين 26-29 أيار/مايو 2024. أسئلة الاستطلاع وتحليل نتائجه كتبتها الدكتورة داليا شيندلين. تم جمع البيانات عبر الإنترنت من قبل شركة iPanel من 1517 مستجيبًا بالغًا يمثلون عينة تمثيلية للمجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك 1224 مستجيبًا يهوديًا (باللغة العبرية) و293 مستجيبًا عربيًا (باللغة العربية). خطأ العينة هو 2.5٪.